الاخبار الرئيسيةمتابعات

شفا الهاوية.. مؤشرات اقتراب نهاية نتنياهو وحكومته

تحليل د. فرناز عطية

تشهد حكومة نتنياهو حالة من التهاوي لشعبيتها في الشارع الإسرائيلي، فقد أضحت ثقة المواطن الإسرائيلي في حكومته منخفضة بشكل كبير، وكذا على مستوى الأوساط السياسية، حيث انهالت الانتقادات على رئيس الوزراء من اليمين واليسار، وجميع التيارات السياسية في البلاد، وذلك بسبب سياسة حكومة نتنياهو في التعاطي مع القضايا المختلفة، سواءً قبل الحرب أو بعد اندلاع حرب غزة، والتي كان أبرزها تبني سياسة “يمين 100 %” والتي تقضي بتمكين أعضاء اليمين المتشدد من حقائب وزارية مهمة في الحكومة كالدفاع والمالية وغيرها، و”خطة الإصلاح” وهو ما قاد إلى تفجر الأوضاع، ومنح الفرصة لحماس لتنفيذ هجومها المباغت كما يرى كثير من المتابعين للشأن الإسرائيلي، الذين يرجع عدد منهم أسباب اندلاع حرب غزة إلى سياسات نتنياهو، وكذا سبب إطالة أمد هذه الحرب لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الشخصية الممكنة قبل أن يخرج من السلطة، فنتنياهو المتهم بثلاث قضايا فساد، لا يمكنه الاهتمام بشؤون الدولة، لأن المصالح القومية ستُسخّر، بطبيعة الحال، لإنقاذه من الإدانة والسجن، إذ يحاول إطالة الحرب للإفلات من المسئولية القانونية، هذا بالإضافة إلى ما نتج عن الحرب من آثار سلبية خاصة بتزايد معدلات الهجرة العكسية، وانخفاض قيمة الشيكل، وتراجع نمو الاقتصاد الإسرائيلي، وإغلاق عدد من الشركات الدولية فروعها في إسرائيل لعدم استقرار الأوضاع في إسرائيل، واستدعاء جنود الاحتياط؛ مما يؤثر بدوره على العملية الإنتاجية داخل إسرائيل، إلى جانب تعريض حياة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس للخطر، وفقدان عدد منهم لحياتهم بالفعل.

مؤشرات انخفاض شعبية نتنياهو:

برزت عدد من المؤشرات التي تؤكد تراجع شعبية نتنياهو، وأنه أصبح شخصًا غير مرغوب فيه بمنصب رئاسة الوزراء، كان أهمها:

  • اشتعال المظاهرات في إسرائيل، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر 2023، ارتفعت الأصوات داخل إسرائيل مطالبة بإقالة نتانياهو محملة إياه مسؤولية ما وصفته بـ “الفشل الاستخباراتي والعسكري” في التصدي لعملية حركة حماس، ومن جهة أخرى، الخلافات الحادة داخل حكومة الطوارئ بشأن قضايا محورية تتعلق بتفاصيل المرحلة المقبلة بعد الحرب أو ما عرف بـ”اليوم التالي للحرب على غزة”، فقد شهد يوم السبت 24 فبراير 2024 ، مظاهرتان اندلعتا في تل أبيب ضد رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته،  في شارع (كابلان) وشارع (أيالون)، وقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية 18 متظاهرًا قرب مقر وزارة الدفاع (الكرياه)، كما تظاهر الآلاف بينهم عائلات أسرى ومحتجزين إسرائيليين في غزة، وهم يرفعون صور ذويهم، للمطالبة بصفقة لتبادل الأسرى والإفراج عنهم، وقد شارك نحو ألف شخصًا في مُظاهرة أخرى في مدينة القدس المُحتلة مطالبين بصفقة تبادل أسرى، وفي قيساريا تظاهر المئات وأغلقوا الشارع الرئيسي واقتربوا من منزل رئيس الحكومة، وقد وقعت مناوشات بينهم وبين عناصر الشرطة، وفي اليوم ذاته تظاهر المئات قبالة منزل الرئيس الإسرائيلي الأسبق “يتسحاق هرتسوج” للمطالبة بإجراء انتخابات بشكل فوري، كذا عمت المظاهرات منطقة ” بئر السبع”.
  • أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “كانتار” الإسرائيلي لصالح هيئة البث الرسمية، الأحد 7 يناير 2024، الذي شارك فيه نحو 600 إسرائيلي، أن 64% من الإسرائيليين غير راضين عن أداء نتنياهو، خلال الحرب الجارية في قطاع غزة، في مقابل 25% من الإسرائيليين فقط يرون أن نتنياهو يصلح لتولي منصب رئاسة الوزراء، ويرى المعارضون لنتنياهو أنه إذا أجريت الانتخابات فورًا، فإن حزب الليكود برئاسة نتانياهو، لن يحصل على أكثر من 20 مقعداً، مقارنة بـ33 مقعدًا خلال الانتخابات الأخيرة، التي أجريت في نوفمبر 2022، في الوقت ذاته كشف الاستطلاع أنه إذا أجريت في إسرائيل انتخابات برلمانية فإن حزب “معسكر الدولة” بزعامة “بيني غانتس” سيكون أكبر حزب في إسرائيل، وتوقعوا فوزه بـ 33 مقعدًا مقارنة بـ 12 مقعدًا فاز بها في انتخابات الماضية، كذلك أكد الاستطلاع الذي أجراه “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، أن 85 % من الإسرائيليين يرغبون في تسليم نتنياهو السلطة إلى شخص آخر عقب انتهاء الحرب ضد حماس.
  • دعا “إيهود باراك” رئيس الوزراء الأسبق إلى عقد انتخابات مبكرة علمًا بأن الانتخابات القادمة موعدها 2026، وشجع المتظاهرين على ضرورة محاصرة الكنيست من قبل 30 ألف مواطنًا لمدة ثلاثة أسابيع ليلاً نهارًا، لإجبار نتنياهو على الرحيل قبل فوات الأوان، حيث أكد أن نتنياهو ووزيراه المتطرفين “إيتمار بن غفير” وزير الأمن القومي ووزير المالية “بتسلئيل سموتريتش” قد جرا إسرائيل إلى ما سماه بـ”مستنقع غزة”.
  • أكد “يوآف غالانت” وزير الأمن الإسرائيلي ضرورة وجود حكومة وحدة واسعة تتألف من حزبه الليكود، وأحزاب المعارضة الحالية برئاسة “بيني غانتس” و”يائير لابيد”، على أن يحل هذا التحالف محل “الصهيونية الدينية” اليمينيي المتشدد بقيادة “إيتامار بن غفير” و”بتسلئيل سموتريتش” و”عوتسما يهوديت”، لوقف التطرف والعودة للقومية.
  • أعلن “يئير لبيد” رئيس حزب “ييش عتيد”، وزعيم المعارضة أنه قدم مقترحاً لسحب الثقة من الحكومة الإسرائيلية بسبب ميزانية عام 2024، فيما قرر حزب العمل طرح مقترح لحجب الثقة بسبب عدم استعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وأكد أنه لا يمكن لهذه الحكومة أن تستمر في الوجود، فهي بمثابة فشل يهدد أرواح البشر ومستقبل البلاد.
  • وصول رسائل تهديد لأعضاء الكنيست من مجموعة تسمى “المنتقمون الإسرائيليون” مفادها تعريضهم للأذى هم وذويهم انتقامًا للفشل الذي أدى إلى عملية حماس في مستوطنات “غلاف غزة” 7 أكتوبر2023 ، ويذكر أنه في 22 يناير 2024 عقد الكنيست جلسة لمناقشة سحب الثقة من نتنياهو وحكومته والتصويت عليها، وهو المشروع المقدم من “حزب العمل” بعد الفشل في إعادة المحتجزين لدى حماس، إلا أن أعضاء الكنيست انتصروا لنتنياهو وحكومته، حيث صوت 18 فقط لصالح الاقتراح من أصل 120 عضوًا في الكنيست، وقاطع أعضاء الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم الجلسة، ولم يحضروا إلى قاعة التصويت.

مصير واحد وسيناريوهات متباينة

تدلل كل المؤشرات السابقة أنه من الصعوبة بمكان استمرار الحياة السياسية لنتنياهو وحكومته على رأس النظام في إسرائيل، أياً كانت سيناريوهات رحيلهما، فبعض المحللون والمتابعون يرون أن رحيل حكومة نتنياهو سيكون بعد انتهاء الحرب، حيث يتم إمهالهما بعض الوقت، فيما يرى آخرون أن مصير نتنياهو مرتبط بالكيفية التي ستنتهي بها الحرب، بينما يعتقد البعض ومنهم الكاتب “ويليام أيه غلاستون” في “جريدة وولستريت جورنال” أن هجمات حماس تمثل بداية النهاية بالنسبة لنتنياهو، وبالتالي فإن “طوفان الأقصى وحرب غزة تعد بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وعجلت برحيل نتنياهو وحكومته ودفعه ثمن عنصريته وتطرفه وفشله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى