النضال نحو الديمقراطية في تركيا
تحليل د. حسين سلمان .. من الخطأ على المرء أن يتوقع أن تصبح تركيا مع إجراء هذه الانتخابات ديمقراطية وأن تحل القضية الكردية، فالديمقراطية ستترسخ في تركيا عبر خوض النضال، كما أن هناك أيضاً تنظيماً قائماً للدولة على هذا الأساس، كون أن العداء القائم ضد الكرد والعقلية الرجعية والحقيقة الاجتماعية خُلقت بسبب ذلك، فهذه ليست تلك القضايا التي يمكن حلها بالانتخابات والمساومة مع حكومة جديدة، وعندما يكون محور القضية هو القضية الكردية، فمن الخطأ على المرء القول أنه يمكن تحقيق النتيجة من خلال المساومة وتحديدها وفقاً لهذه المقولة والسياسة، كما توقعاً من هذا القبيل سيعني أنه لم يتم فهم حقيقة الدولة التركية ونظامها، فمع الانتخابات ستكون الفاشية قد هُزمت في أحد الخنادق، لكن هزيمتها الكلية سوف تكون عبر النضال، وإذا ما تحقق تعاون النضال بين قوى الديمقراطية والحرية للشعب الكردي وشعوب تركيا وتعزز أكثر، فإن النضال من أجل الديمقراطية حينها سيتطور، باختصار، يمكن للديمقراطية أن تترسخ في تركيا فقط عبر طريق النضال، وتتحقق حرية الشعب الكردي من خلال المشاركة القوية والمؤثرة في هذا النضال.
يجب تنفيذ نضال فعّال في هذه الانتخابات على خط حزب الشعوب الديمقراطي، فحزب الشعوب الديمقراطي ليس حزباً للكرد ولا حزباً للعلويين، ولا حتى حزباً لفئة أخرى من فئات المجتمع، بل هو حزب جميع الذين يطالبون بترسيخ قوي وشديد للديمقراطية في تركيا، وفي هذا السياق، فهو حزب الكرد والعلويين والنساء ومناصري البيئة والكادحين والشبيبة والمجتمعات الشعبية ومختلف المعتقدات، فالنهج الذي يُظهر حزب الشعوب الديمقراطي كحزب لهوية بحد ذاتها، سيكون أكبر خطأ بحق خط حزب الشعوب الديمقراطي، لهذا السبب، ينبغي على الذين يناضلون على خط حزب الشعوب الديمقراطي، إظهار موقفهم ضد أولئك الذين يحاولون إظهار حزب الشعوب الديمقراطي كحزب قائم على هويةً ما بحد ذاتها.
إن احتمال إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي كبير جداً، ولهذا السبب، قرروا المشاركة في الانتخابات مع حزب الخضر اليساري، فإذا ما تم إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، فمن الواضح أن نهج حزب الشعوب الديمقراطي سيستمر مع حزب الخضر اليساري، وإن تسميته أمر مهم للغاية للفت الانتباه إلى الحماية البيئة، حيث أصبح حزب الخضر اليساري أحد المكونات المهمة في تحالف الكدح والحرية، فباستثناء حزب العمال التركي، فإن جميع الأحزاب الأخرى تشارك في الانتخابات تحت مظلة حزب الخضر اليساري، كما أن حزب العمال التركي يشارك في الانتخابات تحت مظلة تحالف الكدح والحرية بطريقة مختلفة، وسيتم إحتساب أصواته على تحالف الكدح والحرية، لكن سيحصل كل من حزب الخضر اليساري وحزب العمال التركية على عدد نوابه وفق أصواتهما، ومما لا شك فيه، كنا نود أن يشارك حزب العمال التركي في الانتخابات تحت مظلة حزب الخضر اليساري، حيث كان هذا الأمر سيجلب نتيجة أفضل بكثير لتحالف الكدح والحرية، لكن حزب العمال التركي أراد المشاركة في الانتخابات بشعاره الخاص به، ولو لم يكن الأمر كذلك، لكان أفضل بكثير، لكن هذه يرجع لإرادتهم وقرارهم، ولهذا السبب، لا يمكننا قول أي شيء لهم ولماذا أقدموا على المشاركة في الانتخابات بمفردهم.
ونتأمل أن لا يشكل مشاركتهم بطريقة مختلفة ضرراً على حزب الخضر اليساري ولا حتى أي ضرر على حزب العمال التركي، وما يهمنا هو أن يقوى تحالف الكدح والحرية، وأن يتعزز ويتوسع نطاق رقعة هذا التحالف حتى بعد الانتخابات، فنحن لا نعتبر الانتخابات غير مهمة، لكن الأمر الأساسي هو تحالف الكدح والحرية والنضال الديمقراطي، لهذا السبب، فإن المقولات والمواقف والمقاربات التي تضييق الخناق على هذا التحالف ليس بالأمر الصائب، كما أن الدولة التركية المستعمرة والمستبدة لا تريد أن تجتمع قوى الديمقراطية والحرية للكرد وكذلك القوى الديمقراطية في تركيا معاً على حد سواء، ولذلك، ولكي تقوم بتنفيذ هذه الحرب الخاصة؛ ولكي تتمكن من قطع العلاقة بين قوى الحرية للكرد وقوى الديمقراطية في تركيا، تلجأ إلى كل الطرق والأساليب، ولذلك، يجب عدم تقييم مشاركة حزب العمال التركي بمفرده في الانتخابات كأرضية لتفريق التحالف القائم.
وعلى الرغم من قول البعض لعبارات بنية حسنة على الإعلام الرقمي، فإن المتصيدون في الماء العكرة من حزب العدالة والتنمية والاستخبارات التركية يشاركون منشورات التحريض والاستفزازات من أجل تقسيم تحالف الكدح والحرية، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، ويجب عدم السماح للعبارات والمواقف التي تفسح الطريق أمام أمور من هذا القبيل.
أساساً، يجب أن تكون الانتخابات تعاوناً للقوى الديمقراطية في تركيا وقوى الحرية والديمقراطية الكردية، يجب دعوة كل الذين يطالبون بدمقرطة تركيا، فإذا نتحدث عن النضال ضد الفاشية، حينها يجب أن يكون النضال والموقف المشترك واسعاً، الزلزال حال دون أن تكون هناك انتخابات أولية لاختيار المرشحين، ولكن حينما ينتبه المرء إلى القائمة، سيرى أنه كانت هناك محاولة كبيرة لأن تضم القائمة ممثلين عن المكونات المختلفة في المجتمع، يمكن القول بأنه كان من الممكن أن تضم القائمة مرشحين آخرين من المكونات الأخرى، في قوائم المناطق الكردستانية، كان يمكن أن يكون هناك مكان لبعض القوى الديمقراطية التركية، عدم وجود مرشح أرمني في القائمة، أصبح محل انتقاد، يمكن أن يكون هناك انتقادات أخرى، ولكن بعد أن توضحت القوائم، لم يعد النقاش حول هذا الشيء ذو معنى.
طبعاً داخل القوى الديمقراطية لا يجب أن يوجد موقف مثل” كان يجب أن أكون أنا أو نحن في البرلمان”، إن اقتراح تعيين الممثلين يمكن ان يصبح أفضل، ولكن لا يمكن أن تكون حجة للقطيعة أو الخلافات أو الاحتجاج، يجب أن يعمل الجميع بكل ما في استطاعته، يجب العمل لفوز حزب الخضر اليساري بقوة في الانتخابات، يجب التصويت من اجل هزيمة أردوغان، لذلك، يجب أن يكون هذا شعار الانتخابات، إن الطريق الوحيد للخلاص هو حزب الخضر اليساري.
يجدر ذكره أنه كلما اقتربت الانتخابات، زادت استفزازات وهجمات الدولة التركية، ومقابل ذلك على الشعب أن يتحرك بشكل منظم وألا يتراجع، اعتقال السياسيين والفنانين والمحامين في كردستان، يوضح ما الوضع الذي يريدون أن تجري فيه الانتخابات، وخاصةً تنفيذ حكومة العدالة والتنمية والحركة القومية الفاشية سياسة الهجوم في كردستان، هذه الهجمات في الوقت نفسه، فإن هذا الهجوم هو علامة على غضب وعزيمة قوى الديمقراطية والحرية للشعب الكردي التي لا تخضع لأي نوع من الضغط، إذا كانت قوى الديمقراطية لا تزال قائمة في تركيا اليوم، وتظهر موقف ضد الفاشية، فإن هذا يظهر مدى تأثير نضال الشعب الكردي من أجل الحرية.
إن الشعب الكردي وقوى الديمقراطية في تركيا قدموا تضحيات كبيرة، وبنضالهم، أوصلوا حكومة العدالة والتنمية والحركة القومية الفاشية إلى حافة الانهيار، فإذا استمر النضال بهذا التصميم، وتم تبنّى صناديق الاقتراع بقوة، حينها سوف تُهزَم الحكومة الحالية، حتى لو خسرت، ولن تتخلى عن السلطة، فيجب أن تكون قوى الديمقراطية في خضم النضال والمقاومة لتدمير الحكومة الفاشية.