متابعات

لغة سوقية وشتائم .. تفاصيل المفاوضات بين رئيس بيلاروسيا وقائد فاجنر

تحليل يكتبه د.نبيل رشوان .. انتهى تمرد مجموعة فاجنر فى روسيا وعفى الرئيس بوتين عن مسلحيها، ووصل رئيسها ومؤسسها إلى بيلاروسيا، حيث سيقيم مؤقتاً هناك كما قيل، وعلى الجانب الروسى يتحدثون عن الدروس المستفادة من هذا التمرد، والحديث كذلك يدور تغييرات فى مناصب سواء سياسية أو عسكرية، فعلى سبيل المثال فى أخر خطاب للرئيس بوتين وسط العسكريين اختفى رئيس الأركان فاليرى جيراسيموف بينما كان وزير الدفاع حاضراً، فهل ضحى به الرئيس بوتين كجزء من صفقة مع بريجوجين، لا نعرف حتى الآن.

لكن ما يعنينا فى هذا المقال هو كيفية التوصل للاتفاق الذى أنهى التمرد، والذى كشف عنه رئيس بيلاروسيا الذى قام بدور الوسيط، وربما كان يريد رد الجميل لزميله الروسى الذى وقف معه أثناء مظاهرات عام 2020 عقب الانتخابات الرئاسية واندلاع مظاهرات ممن الممكن أن نطلق عليها ثورة ملونة، ومن المؤكد أن تسامح الرئيس لوكاشيكو رئيس بيلاروسيا مع 33 من أفراد فاجنر هبطوا على مينسك عاصمة بيلاروسيا أثناء الاضطرابات فى نفس العام، بعضهم كان مطلوباً للسلطات الأوكرانية ولم يسلمهم لوكاشينكو لها واطلقهم إلى موسكو، هذا بالتأكيد جعل تفاوض الرئيس البيلاروسى يتسم بالسلاسة، وإن تم فى مراحله الأولى عن طريق الشتائم وهى لغة دارجة فى روسيا خاصة إذا كنت تتحدث إلى مجرم عتيد مثل بريجوجين.

كيف جرت المفاوضات فى البداية طلب الرئيس البيلاروسى من الرئيس بوتين الاتصال ببريجوجين والتفاهم معه، لكن الرئيس الروسى أشار إلى أنه حاول لكن رئيس فاجنر لم يرد فطلب تليفون رئيس فاجنر من الرئيس، خاصة وأن الرئيس بوتين لم يكن متفائلاً بالتفاوض مع بريجوجين وقال الرئيس الروسى لزميله البيلاروسى “إن الإتصال به ليس منه فائدة فقد اتصلت عدة مرات لكنه لم يرد”، لوكاشينكو اشتم من حديث الرئيس بوتين أنه عازم على قتل الجميع، وإن كان قد طلب منه أن يطلب الرقم عن طريق المخابرات الروسية، فطلب الرئيس لوكاشينكو رقم التليفون، لكنه لم يكن تليفون رئيس فاجنر بل تليفون نائب وزير الدفاع الروسى وقام بالاتصال وعلى ما يبدو أن المخابرات لم تكون تعرف تليفون بريجوجين، فأعطت الرئيس البيلاروسى تليفون السيد يونس بيك يفكوروف نائب وزير الدفاع الروسى، الذى كان متواجداً فى مقر القيادة الجنوبية للجيش الروسى فى مدينة روستوف والذى استولى عليه أفراد من مجموعة فاجنر. قال السيد يفكوروف وهو يقدم التليفون لبريجوجين، “هذا رئيس بيلاروسيا يهاتفك هل ستتحدث؟” فكان رده “إذا كان الكسندر جريجورفيتش (لوكاشينكو) نعم” ويقول الرئيس لوكاشينكو كان بريجوجين فى حالة من الزهو الشديد، عندما بدأت الحديث معه.

الجولة الأولى من التفاوض استغرقت 30 دقيقة، وكانت كلها تقريباً بلغة سوقية وشتائم وكما قلت هذا عادى فى الحديث أثناء الأزمات، ويقول السيد لوكاشينكو عندما حللت الحديث وجدت أن الشتائم تزيد عشر مرات عن ما هو مفترض فى مثل تلك الحالات، ويكمل رئيس بيلاروسيا هو بالطبع اعتذر بريجوجين لكنه بعد ذلك استمر فى الشتائم. وأضاف لوكاشينكو أنه قال لبريجوجين “أن الرئيس بوتين لن يسلمه لا شويجو (وزير الدفاع) ولا جيراسيموف (رئيس الأركان) ورئيس روسيا لن يتحدث معه بالتليفون ولن يستقبله فى هذا الموقف”. فقال بريجوجين “إنهم يريدون خنقنا! نحن سنذهب إلى موسكو!” فكان رد رئيس بيلاروسيا عليه “إنهم سيسحقونكم كما “البق” فى منتصف الطريق” فكر جيداً. لكن بريجوجين رفض وكما يقول رئيس بيلاروسيا “هكذا كان مزهواً وواثقاً”، وأضاف لوكاشينكو أن إقناع بريجوجين بالتوقف عن الزحف إلى موسكو استغرق وقتاً طويلاً، وفى النهاية قال بريجوجين للرئيس لوكاشينكو “أنت تستطيع التصرف كما تريد، لا تغضب منى، لكن المجموعة مستعدة للانطلاق إلى موسكو”. حذر رئيس بيلاروسيا بريجوجين من أن بلاده مستعدة للدفاع عن موسكو كما حدث ذلك عام 1941، وهذا ليس لأن هذا وطننا، ولكن لأنه لا قدر الله قد تنتشر الفوضى فى عموم البلاد فى كل روسيا، وهناك مقدمات لذلك، فإن التالى سنكون نحن” كما أوضح له لوكاشينكو.

وكما يقول الرئيس لوكاشينكو، أثناء التفاوض تنازل بريجوجين عن مطالبه بتسليم كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان له، هكذا انتهت الأزمة وكل ما اتفق عليه بعد ذلك تفاصيل، ألغيت الملاحقة القضائية لرئيس وأفراد فاجنر، بعضهم سيذهب مع بريجوجين لبيلاروسيا، حيث أعد معسكر لإيوائهم قيل إن مساحته 24 ألف متر مربع، ويقول الرئيس البيلاروسى إن إقامتهم فلا بلاده مؤقتة ونصح قادته العسكريين بالاستفادة من خبرات فاجنر القتالية والاستفسار عن أهم الأسلحة الفتاكة التى يستخدمها الجيش الأوكرانى، لكن يبدو أن الاتفاق الذى أنهى التمرد لم يعجب بعض أفراد فاجنر الذين وصفوه بالخيانة من قبل السيد بريجوجين وقالوا “إنه بحث عن مصلحته ونجاته هو فقط، وتركنا لمصير مجهول” هذا يعنى أن بريجوجين الذى على الأرجح ستلاحقه السلطات الروسية، سيكون ملاحقاً من أفراد جيشه أيضاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى