الاخبار الرئيسيةندوات

اليمن وأمن البحر الأحمر فى ندوة بمركز آتون للدراسات

مع تزايد التصعيد الذي تنفذه ميليشيات “الحوثي” في البحر الأحمر، يناقش مركز آتون للدراسات الإستراتيجية التطورات الأخيرة ومتطلبات تحقيق أمن البحر الأحمر، بحضور مجموعة متنوعة من المتخصصين، الكاتب والسياسي اليمني “عبد الرحمن الريان” والإعلامي اليمني “عزت مصطفى”، والمحلل السياسي “أسامة الدليل” مدير تحرير الأهرام العربي، والباحث السياسي “محمد صابر” الباحث بمركز آتون للدراسات، وأدار النقاش الأستاذ “فتحي محمود” رئيس مركز أتون للدراسات الإستراتيجية، وقد تطرقت الجلسة إلى محاولة تصور السيناريوهات المتوقعة ووضع الحلول لما يهدد أمن المنطقة بأكملها ويعرض كافة الدول المشاطئة للبحر الأحمر إلى مخاطر شديدة، وحالة من الصراع والشد والجذب نحو مقترحات لتكوين التحالفات، بهدف التوصل إلى الرؤى والاقتراحات المختلفة، كما تناول الحضور العلاقات المصرية اليمنية وتاريخ هذه الدول العربية العريقة، والمتطلبات الرئيسية لحلحلة الصراعات القائمة.

كما تناول الحضور الحديث حول التطورات باليمن، ومستقبل اليمن ومدى إمكانية تحقيق الوحدة والاستقرار من عدمه، بالإضافة إلى تزايد التعقيدات في المشهد السياسي والأمني، خاصًة بعد اشتعال الحرب على قطاع “غزة” من قبل إسرائيل، والنفوذ الإيراني المهيمن وميليشيات “طهران” بالمنطقة، في ظل أهمية اليمن تحديدًا في تحقيق أمن البحر الأحمر بأكمله.

التهديدات الحوثية في البحر الأحمر:
طرح الأستاذ “فتحي محمود” رئيس مركز أتون للدراسات الإستراتيجية النقاش تساؤلات رئيسية للحضور حول أمن البحر الأحمر وما يحدث في باب المندب وعلاقة اليمن بالموضوع وكيفية التعامل مع ذلك، وردًا على هذه التساؤلات، استهل الإعلامي اليمني الأستاذ “عزت مصطفى” النقاش حول تعقيدات المشهد مؤخرًا مركدًا أن هذه التعقيدات لم تكن وليدة التطورات الحالية أو الحرب على قطاع غزة فقط على سبيل المثال، إنما كان الوضع مهيئًا ومؤشراته واضحة، لأن عمليات الاستهداف للملاحة في البحر الأحمر ليست أمرًا جديدًا على الأقل خلال التسع سنوات الماضية، مشيرًا إلى أن التهدئة الداخلية في اليمن منذ عامين حفزت على نقل الصراع إلى البحر، لعدة دوافع من أهمها:

() محاولة فرض النفوذ والسيطرة السياسية تحقيقًا لأهداف إستراتيجية ومصالح خاصة. () الرغبة في الظهور والتصدر إعلاميًا، خاصًة كقوة كبرى للفت الأنظار إلى أنهم بحكمون اليمن.
() الدوافع الإقليمية وبالأخص الإيرانية بالمنطقة والتي رأت أن “باب المندب” أهم وأقل تهديدًا لكونه بعيد عن المناوشات مع الولايات المتحدة الأمريكية، بما يجعل التوجه له أكثر جدوة وأقل كلفة، كما أشار أيضًا إلى التزامات إيران مع الصين وخارطة الطريق والمصالحة مع السعودية.
() محاولة كسب التأييد الداخلي والحشد الشعبي والتجنيد في ظل التصدر عربيًا على أنها تحارب من أجل “غزة”، إضافة إلى كسب تأييد من الرأي العام العربي في ظل تأثر بعض الطبقات الغير مطلعة من الشعوب العربية على واقع الأزمة اليمنية وحقيقة “الحوثيين” وتكوين صورة وهمية بأن جماعة “الحوثيين” هي  التي تدافع عن القضية الفلسطينية، في ظل عدم توافر موقف عربي بنفس القوة من القوى العربية.

كما أشار أيضًا إلى التحالف العسكري الذي أعلنت عنه “واشنطن” وما يسمى بـ”حامي الإزدهار”، بأنه من الصعب تحقيقه، لعدم توافر المصلحة المشتركة والرغبة من القوى العربية بالمنطقة للانضمام إلى هذا التحالف في الوقت الحالي، وحتى الفصائل اليمنية التي أعلنت رغبتها في المشاركة بهذا التحالف لا يمكنها تقديم الدعم اللازم لذلك التحالف، بالإضافة إلى تهديد ذلك الأمر بالتفاهمات القائمة باليمن، وأشار إلى مدى صعوبة ردع “الحوثيين” عسكريًا لاختلاف الأمر عن الفرص في أزمة الصومال، مؤكدًا على اختلاف مواجهة الابتزاز المالي والابتزاز السياسي، وهذا التحالف لا فرصة له في مواجهة الخطر الحوثي بكفاءة،، دون حشد دولي واتفاق، خاصًة بعد رفع “الحوثيين” من قوائم الإرهاب، ومهمة هذا التحالف في تأمين السفن البحرية مكلفة للغاية كما أنها غير مؤكدة بقوة وتقتصر على الجانب الدفاعي وهي ذات تكاليف عالية.

تطورات تاريخية حول أمن البحر الأحمر:
تطرق الكاتب السياسي “عبد الرحمن الريان” إلى الوضع الذي بات عليه العرب اليوم التي تشكل 90% من سواحل  البحر الأحمر، متسائلًا عن التأثير العربي ومشروع الأمن القومي العربي، فأشار إلى أنه لم يعد هناك ما يسمى بقومية عربية متماسكة، وبالنظر للصراعات منذ 6 عقود، نرى أن الهزائم العربية وقعت على آثر تنامي الرجعية العربية وتنامي القطرية، منذ الحرب اليمنية في ستينات القرن الماضي وقبل بداية الاغتيالات مرورًا بالنكسة في عام 1967 وحتى انعقاد مؤتمر “تعز” في عام 1977، الذي عقد للبحث في كيفية ضمان أمن البحر الأحمر بعد تعرضه لتهديدات عديدة ومطامع عربية ودولية وصهيونية من جهة وأخرى.

كما أشار “الريان” إلى آثار الربيع العربي على سوريا والقوى العربية التي تدمرت، والوضع في اليمن التي تكونت بها أكثر من 9 ميليشيات آنذاك موازية للجيش اليمني، وعدم التنسيق العربي وضعف الإستراتيجية العربية في مواجهة آثار ما وصفه بـ “الربيع العبري”.

وأكد أن أمن وسلامة البحر الأحمر تعني أولًا أمن وسلامة واستقرار الأقطار المطلة عليه، ومن أهم هذه الدول اليمن بلا شك، بالتالي لا يمكن الحديث عن استقرار البحر الأحمر وضمان أمنه، دون تحقيق الاستقرار باليمن أولًا، مشيرًا إلى أن الدول المشاطئة بالبحر الأحمر وبالأخص اليمن هي الحارس الفعلي له، وبالتالي سيبقى الوضع غير مستقر ومتأزم طالما لا تستقر دولة اليمن، مشيرًا إلى أنه من أهم مدخلات تحقيق الامن بالبحر الأحمر، بناء دولة يمنية ديمقراطية وتجريم العنصرية وكل ما هو ضد مبادئ ثورة سبتمبر، ورفع يد الإمبريالية البدوية، التي قال عنها الرئيس المصري الراحل “محمد أنور السادات” أنها كيانات جاءت للقيام بالدور الوظيفي للاستعمار وسبقه “عبد الناصر” بالإشارة إلى أنه إذا أردنا محاربة الاستعمار فلنحاربه في قصور الرجعية وأوكار الفساد والتآمر على الأمة تاريخيًا.

وعقب أيضًا أن هناك شروط عديدة لتحقيق الاستقرار باليمن، من أهم هذه الشروط:
() الخروج من المشروعات الإقليمية المعادية للقومية العربية كالهلال الشيعي والقنوات المنافسة لقناة السويس مثل مشروع إيران “ممر جابهار”. () رفع يد إيران وتركيا والقوى الدولية الغربية عن اليمن والحفاظ على مقدرات الدولة التي لا تملك دولة مثل رواندا 5% منها على الأقل.
(*) العمل على إنهاء حالة أزمة الثقة التي استمرت خلال 8 عقود مع دول الخليج العربي.

الأمن البحري والبحر الأحمر:
استهل المحلل السياسي “أسامة الدليل” حديثه بالتمييز بين مفهوم الأمن البحري والبحر الأحمر، وأكد أنه لا يوجد ما يسمى بالأمن البحري، ولكن هناك مجموعة من الإجراءات التي تتخذها الدول المتشاطئة لحماية وتأمين مصالحها، موضحًا تطور منظومة ال “AIS” التي تكشف وجهة السفن وما تحمله من بضائع وغيرها، مشيرًا إلى أن هذه السفن عند مرورها بجهة اليمن تقوم بإغلاق هذا النظام لتجنب كشف وجهتها، إلا أن هذه المنظومة “AIS” بات من السهل فك شفرتها، لذلك ليس من الصعب على “الحوثيين” أن يكتشفوا وجهات السفن المارة بالبحر الأحمر.

وبعرض خريطة توضح مدى اتساع التهديد الأمريكي الذي تهدد به حاملة الطائرات الأمريكية التي تم نقلها إلى الشرق الأوسط في الثامن من أكتوبر لعام 2023، والتي يشمل تهديدها البحر الأحمر والمتوسط وجزء من البحر الأسود أيضًا، موضحًا المرمى النيراني لتلك الاتهديدات الأمريكية، ومؤكدًا أن التهديد بذلك لم يبدأ من جماعة “الحوثي”، كما أكد المحلل السياسي “أسامة الدليل” أن البحر الأحمر بمجراه ومضايقه لعب دورًا هامًا منذ أقدم العصور، فهو يصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه، مشيرًا إلى مدى ارتباطه تاريخيًا بالحضارة المصرية العريقة، منذ عهد الملكة “حتشبسوت”، مشيرًا إلى تحكم الدولة المصرية في مدخله، بواسطة شرم الشيخ ومضيق تيران وخليج السويس عند مضيق جوبال، والأهم قناة السويس، وتناول الحديث عن مضيق تيران وتحكمه في مدخل خليج العقبة، مؤكدًا أن مضيق تيران مصري بنسبة 100%.

الحضارات العربية العريقة:
تعقيبًا على ما أشار إليه الكاتب السياسي اليمني “عبد الرحمن الريان” حول تلاشي القومية العربية، أكد المحلل السياسي “أسامة الدليل” أنه عند الحديث عن القومية العربية يجدر أن يكون الحديث شاملًا للحضارات العربية العريقة (سوريا – العراق – اليمن – مصر)، والعلاقة بين هذه الدول الأربع، مشيرًا فيما بعد إلى استهداف كارثة الربيع العربي للنظم الجمهورية دون الملكية، وأكد أن المطلوب آنذاك كان أن تتحول النظم الجمهورية إلى “دولة الجماعة” التي تقودها ميليشيا، أن تختذل مصر في جماعة الإخوان، وتختذل سوريا في جماعة “الجولاني” وما شابه، والعراق واليمن بنفس الصورة، وأكد “الدليل” أنه إذا انتهت دول المنطقة بأكملها لن تنتهي هذه الحضارات العريقة (مصر وسوريا والعراق واليمن) لن يزولوا.

وأشار إلى الحضارة المصرية القديمة التي كانت تشكل كامل المنطقة المسيطرة على البحر الأحمر، واستخدام هذه الطرق البحرية الذي استخدمته الملكة “حتشبسوت” في الرحلات عبر البحر الأحمر، للتجارة مع جيران مصر وبالأخص بعثتها الشهيرة إلى بلاد بونت لجلب المواد الخام النفيسة.

كما أكد المحلل السياسي “أسامة الدليل” أن المشاريع الهادفة لمنافسة قناة السويس المصرية لم ولن تنجح أبدًا في تحقيق ما تهدف إليه، وأشار إلى مدى التكلفة الكبرى لمحاولة فقط تحقيقها، وصعوبة وزيادة الكلفة في النقل عبرها، لمدى تميز وخصوصية الموقع الاستراتيجي لمصر وأهمية قناة السويس، مشيرًا إلى إغلاق مصر لقناة السويس في حرب 1973 عبر الغواصتين المعطلتين، وتوقف حركة التجارة العالمية في آن قريب عند جنوح سفينة الحاويات “إيفر غيفين”.

وختامًا، أشار المحلل السياسي “أسامة الدليل” إلى مدى الترابط الوثيق بين مصر واليمن، والعروبة، ودور البحر الأحمر في ذلك، منذ أقدم العصور في عهد نبي الله “موسى” عليه السلام، عندما صدر البحر الأحمر من مصر “بني إسرائيل” واستورد لمصر “بني إسماعيل”، عن طريق البحر الأحمر، مستعرضًا خارطة توضح القبائل العربية في مصر، أن مصر صارت مزيج عربي إسلامي عبر البحر الأحمر، وعبر البحر المتوسط استوردت المسيحية، مؤكدًا ومشددًا على أن الحضارات العريقة “مصر واليمن والعراق وسوريا” مهما تأزمت أوضاعها لن تنتهي، وإن زالت الدول المصطنعة الأخرى.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى