الاخبار الرئيسيةمتابعات

الانتخابات الرئاسية في إيران 2024.. قراءة في خريطة المرشحين

تحليل: الباحثة شروق صابر

أعلن مجلس صيانة الدستور في إيران يوم 9 يونيو عن الأسماء المؤهلة لخوض سباق الرئاسة للدورة الرابعة عشرة المقرر عقدها يوم الجمعة 28 يونيو إثر مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة مروحية. وسيكون هناك 60 ألف مركز انتخابي للانتخابات في أنحاء البلاد، وفي حال عدم حسم نتيجة الانتخابات ستكون هناك جولة ثانية في يوم الجمعة التالي، في 5 يوليو. وتشكل تلك الانتخابات تحديًا أمام النظام الإيراني، حيث تأتي في وقت تشهد فيه إيران أوضاعًا داخلية وخارجية معقدة، فهل سيريد النظام أن يأتي برئيس محافظ يسير على خطى رئيسي في الملفات الداخلية والخارجية، أم رئيس إصلاحي يستطيع حلحلة الأزمة الاقتصادية التي أنتجتها العقوبات؟.

قراءة في نتائج المراجعات

وافق مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون، ويعد صاحب الخيار الأخير في تحديد من يحق له أن يكون ضمن المتنافسين على السباق الرئاسي، ومن لا يكون، وفقًا للمادة 118 من الدستور، على أهلية ستة مرشحين للترشح للانتخابات الرئاسية من بين 80 مرشحًا تتوفر لديهم الشروط اللازمة للتسجيل، من حيث السن والمؤهلات التعليمية و4 سنوات من الخبرة في الإدارة العامة، وليست لديهم خلفية سيئة وفقًا للقانون. وهم: علي رضا زاكاني “عمدة طهران”، وسعيد جليلي ” ممثل المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي”، وأمير حسين قاضي زاده “رئيس مؤسسة الشهيد”، ومصطفى بور محمدي “رجل الدين المحافظ”، ومحمد باقر قاليباف “رئيس البرلمان الحالي، والذي انسحب من الانتخابات الرئاسية في 2017 بعد ترشح الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي”، ومسعود برشكيان “النائب الإصلاحي البارز، ممثل مدينة تبريز”.

أما قائمة المرشحين المستبعدين، فقد احتوت على شخصيات بارزة مثل: محمود أحمدي نجاد “الرئيس الإيراني الأسبق، تم استبعاده في دورتين انتخابيتين رئاسيتين عامي 2017 و2021. وعلي لاريجاني ” رئيس البرلمان السابق، وقد كان حتى عهد قريب، شخصًا مقرًبا من المرشد علي خامنئي”، وإسحاق جهانغيري “وزير الصناعة والمعادن في عهد حكومة محمد خاتمي والنائب الأول للرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني”، و3 وزراء حاليين: وزير الثقافة محمد مهدي إسماعيلي، ووزير الطرق والتنمية الحضرية مهرداد بذرباش، ووزير العمل والرفاه صولت مرتضوي.

كيف سيكون المشهد الانتخابي؟

كان لافتًا أن خمسة من المرشحين الذين صادق عليهم مجلس صيانة الدستور، للتيار الأصولي المحافظ، وقد برزت جبهة “الصمود” من خلال مرشحها جليلي، كمرشح وازن، بالإضافة إلى قاليباف الذي يمثل الأصوليين التقليديين، وبزكشيان كمرشح عن التيارين الإصلاحي والمعتدل. ويعد بزكشيان وزير الصحة السابق والنائب عن مدينة تبريز (شمال غرب)، أضعف مرشح إصلاحي من قائمة المرشحين الثلاثة الإصلاحيين التي ضمته إلى جانب اسحاق جهانغيري، وعباس آخوندي. وهو ما يطرح سؤالًا حول ما سيكون عليه المشهد الانتخابي، فهل ستلقى الانتخابات قبولًا من الشعب؟، أم سيتهم الشعب النظام بالسعي نحو هندسة الانتخابات التي أجراها سابقًا بتمهيده لفوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية السابقة؟.

ا- هندسة الانتخابات والدفع برئيس أصولي: فقد أعادت نتائج مراجعات مجلس صيانة الدستور لأهلية المرشحين لخوض السباق الرئاسي، المشهد الانتخابي للانتخابات الرئاسية السابقة، حين أبطل المجلس ترشيحات العديد من الإصلاحيين والمعتدلين في انتخابات 2021، ما ضمن سهولة الفوز لإبراهيم رئيسي، مرشح المعسكر المحافظ والمحافظ المتشدد، خلفًا للرئيس المعتدل حسن روحاني. فمن المعروف أن أسماء المرشحين النهائيين للانتخابات الرئاسية، يتم إعلانها بموافقة المرشد الإيراني ونفوذ مؤسسة بيت المرشد، بالإضافة إلى أن الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات لهما تأثير كبير على القرارات والتوجهات، على الرغم من أن مجلس صيانة الدستور يتمتع رسميًا بصلاحيات كثيرة لرفض أو الموافقة على مؤهلات المرشحين.

قد ترجح تلك النتائج رغبة النظام بأن يسيطر التيار المتشدد على المشهد، خاصة في ظل وجود العديد من الملفات المفتوحة، أهمها ملف خلافة المرشد الأعلى، والتوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والملف النووي. وقد عكست تصريحات خامنئي خلال الأشهر الأخيرة مدى رضاءه عن السياسة التي تدار بها الأمور، لذا قد يريد النظام خلال الفترة المقبلة أن تسير الأمور كما هي دون أي تغيير، ما يرجح أن الشخص الذي يسير على طريق إبراهيم رئيسي هو الذي سيفوز بالانتخابات. ويعد سعيد جليلي، المناهض للولايات المتحدة، البالغ من العمر 55 عامًا، والذي يصف نفسه بـ”الثوري”، ويعرف برفضه القاطع للاتفاق النووي، هو نسخة طبق الأصل محتملة من إبراهيم رئيسي.

أيضًا يمتلك قاليباف حظًا كبيرًا في الانتخابات الرئاسية، نظرًا لجاهزية مقره الانتخابي وفروعه على مستوى البلاد، وكذلك شبكة العلاقات التي تربطه بنواب البرلمان الجديد، وكذلك بالنواب الذين انتهت ولايتهم الشهر الماضي. إلا أن أثار ترشحه بعد أيام من توليه رئاسة البرلمان، غضب حلفائه المحافظين. وقال بعض المصادر غير الرسمية إنه انتهك اتفاقًا مع حلفائه المحافظين والمتشددين بشأن إعادة انتخابه رئيساً للبرلمان، على ألا يترشح للانتخابات الرئاسية.

وقد تشهد الأيام المقبلة سعي أحدًا من الاثنين، قاليباف وجليلي، من الانسحاب من السباق الرئاسي لصالح الطرف الآخر، لكي تتوحد أصوات الناخبين حول من سيستقر عليه التيار الأصولي.

2- الإصلاحيون رقم مهم في الانتخابات: يخشى النظام من انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة كما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ففي الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 مايو 2024، شارك أقل من 8% من الناخبين المؤهلين في طهران في الانتخابات، ويعد ذلك انخفاض كبير عن نسبة 41% المسجلة على مستوى البلاد في الجولة الأولى التي أجريت في 1مارس من العام نفسه. ومع ازدياد الاستياء بسبب عدد من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، قد تشهد الانتخابات المقبلة انخفاض نسبة الإقبال على التصويت، ومن ثم افتقار النظام الإيراني الحاكم للشرعية. ففي انتخابات عام 2021، زعمت الحكومة أن نسبة المشاركة بلغت 49 في المائة، في انخفاضٍ حاد عن نسبة 70 في المائة المعلنة في عام 2017، و76 في المائة في عام 2013، و85 في المائة في عام 2009. ولكن حال وجود خطة سليمة وأخذ العبر وتقييم النواقص ومعرفة الأسباب التي أدت إلى تراجع نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية الأخيرة وإصلاح المسارات غير السليمة بهدف الوصول إلى نسبة معقولة من التصويت، قد يحدث تغييرًا في ذلك المشهد.

ويعكس قرار السماح لبزكشيان بالترشح رغبة النظام الإيراني في دفع الإصلاحيين الذين لديهم شعبية بين الشباب للمشاركة في الاقتراع. خاصة بعد تهديدات التيار الإصلاحي بعدم المشاركة في الانتخابات إذا لم يكن لديه مرشح، كما سبق ورفضت الجبهة الإصلاحية المشاركة في الانتخابات التشريعية في مارس الماضي منددة “بانتخابات لا معنى لها” بعد إقصاء عدد كبير من مرشحيها. ومع ذلك ما زالت القوة الانتخابية للإصلاحيين غير واضحة، إذ يعتقد بعض الناخبين أنهم فشلوا في تحقيق قدر أكبر من الحريات في الفترات التي كانوا فيها في السلطة خلال العقد الماضي. أيضًا قد يشكل قرار الموافقة على ترشح بزكشيان، رغبة النظام في أن يأتي إلى هذا المنصب شخص معتدل يتمكن من التوصل إلى صفقة نووية مع الغرب، ورفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد.

أخيرًا، يمكن القول إن انتخابات الدورة الـ 14 لرئاسة الجمهورية الإيرانية تعد مهمة صعبة أمام النظام الإيراني، الذي يسعى إلى تمكين هذا المنصب لشخص موثوق به، للإطمئنان على تمرير بعض الملفات بسلاسة حال وفاة المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي وأهمها هو ملف خلافته. هذا في ظل ضعف نسبة الإقبال على الانتخابات الناتج عن السخط على الأوضاع الاقتصادية والقيود الاجتماعية والسياسية، لذا قد يعد حرص النظام على إدراج مرشح معتدل بمستوى منخفض على بطاقة الاقتراع، وسيلة لجذب نسبة إقبال أكثر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى