تستضيف مملكة البحرين يوم الخميس المقبل الدورية القمة العربية الدورية الثالثة والثلاثين، وهى الأولى التى تعقد على أراضيها فى تاريخها، سواء أكانت عادية أم طارئة، وإن ترأس عاهلها الملك حمد بن عيسى آل خليفة القمة العربية الدورية الثالثة، التى عقدت فى شرم الشيخ فى الأول من مارس من العام 2003، والتى كان من المقرر أن تستضيفها بلاده ،حسب الترتيب الأبجدى، غير أنه تعذر استضافتها فى ضوء تداعيات الغزو الأمريكى للعراق فى هذه الفترة .
ولاتختلف الأجواء والملابسات المحيطة بالقمة العربية الثالثة والثلاثين بالمنامة، عن الظروف والملابسات التى أحاطت بقمة شرم الشيخ التى ترأستها المملكة واستضافتها مصر، فقد شكل العدوان الأمريكى على العراق فى العام 2003 خطرا داهما على الأمن القومى العربى، وما زالت تداعياته على المنطقة قائمة ومؤثرة، وفى العام 2024 تشكل حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال فى الكيان الإسرائيلى بإسناد أمريكى واسع النطاق، بالذات على الصعيد العسكرى، خطرا وجوديا ليس على فلسطين بمكوناتها فى غزة والضفة الغربية والقدس، وإنما على مجمل المنطقة العربية، وإن أضفنا إلى ذلك نزوع رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو إلى تمديدها إقليميا، فإن هذا الخطر سيمتد إلى منطقة الشرق الأوسط ككل.. ومن ثم فإن قمة المنامة ستكون قمة مغايرة من حيث المكان والتوقيت، فمن حيث المكان.. فهى لأول مرة ستحتضن قادة ورؤساء وفود الدول العربية وترتفع فى شوارعها ومبانيها أعلام هذه الدول مرفرفة بنشيد عربى واحد، من المأمول أن يتبلور فى موقف عربى واحد للتصدى للتهديدات الوجودية للأمة العربية.. ومن حيث المكان أيضا، فإن مملكة البحرين تميزت عبر تاريخها بأنها نموذج للسلام والمحبة والتعايش، وأنها ترعى القيم والهوية العربية وترسخها في النفوس، ولا تتأخر مطلقًا في الدفاع عن القضايا العربية العادلة والمصيرية في كل مكان وزمان، أما فيما يتعلق بالتوقيت، فإن “قمة المنامة” ستلتئم في ظل أوضاع جيوسياسية إقليمية ودولية معقدة، فى ظل ما تواجهه المنطقة من وضعية تاريخية دقيقة نظرا لتداعيات العدوان على غزة، والذى مضى عليه مايقرب من ثمانية أشهر، مايعنى أنها – أى قمة المنامة- ستكون مطالبة بتوفير منظومة عربية تتسم بالكفاءة والنجاعة للتعامل مع هذه التداعيات على مختلف الصعيد سياسيا ودبلوماسيا وأمنيا واقتصاديا ،لاسيما فى ظل التهديدات التى من شأنها أن تطال الاستقرار الإقليمى فى منطقة الخليج والبحر الأحمر، فى ضوء ما يمكن وصفه بالحرب الصامتة بين التحالف الغربى بقيادة الولايات المتحدة من جانب، والميليشيا الحوثية من جانب آخر، على خلفية حرب الإبادة فى غزة، فضلا عن بقاء الأزمات العربية التقليدية دون اختراق جوهرى يخرجها من دائرة التأزم والنار إلى خندق الحلول السياسية، وفى مقدمتها سوريا وليبيا واليمن، والأخطر تفجر أزمات جديدة أكثر اشتعالا مع عجز النظام العربى الإقليمى عن وقف تمدد نيرانها، أوعلى الأقل الحد من مخاطرها محليا وإقليميا، وأبرز مثال على ذلك الحرب المتأججة فى السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، التى توشك أن تدفع باتجاه تقسيم البلاد، إن لم يتم السيطرة عليها، بالإضافة إلى اتساع نطاق حدة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالمية، والآثار العميقة في فترة ما بعد جائجة كورونا، والحرب فى أوكرانيا وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي، وبالتالى على وضعية الأمن الغذائى فى المنطقة العربية، ما يجعل قمة المنامة على تماس مباشر مع مهددات ومخاطر وتحديات متعددة ومتنوعة، الأمر الذى سيحتم عليها الخروج بقرارات قوية متماسكة وذات قابلية عالية للتطبيق، حفاظًا على كيان الأمة العربية ومستقبل شعوبها.
فى ضوء هذه الحقائق، فإن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وحكومة البحرين أعدتا مبكرا لهذه القمة، وحسب معلوماتى،فإن معظم مشروعات القرارات والملفات التى ستحال إلى القادة باتت جاهزة ومعدة لاسيما بعد أن وضع وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم التحضيرى الذى عقد الثلاثاء الموافق 14 مايو – اللمسات الأخيرة عليها ،فى ضوء ما جرى من تطورات متلاحقة فى الإقليم العربى الذى تحول إلى كرات نار ملتهبة،بفعل استمرار القوة القائمة بالاحتلال والمقصود بها الكيان الإسرائيلى – حسب توصيف الخطاب الرسمى للجامعة العربية- وأبرزها اجتياح جيشه لأجزاء واسعة من مدينة رفح أقصى جنوب غزة التى تتماس مباشرة مع مصر، وما ينطوى ذلك عليه من تهديدات للاستقرار الإقليمى، وما أفضى إليه عمليا من الحد من إنفا د المساعدات الانسانية، إلى داخل القطاع من معبر رفح الذى سيطر جيش الاحتلال على الجزء الفلسطينى منه.
ويؤشر ذلك بوضوح إلى أن ملف حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ السابع من اكتوبر المنصرم، سيتصدر جدول أعمال القادة العرب،إلى جانب كامل أبعاد ملف القضية الفسلطينية التى تشكل البند الدائم فى كل الاجتماعات العربية على مختلف المستويات، الأمر الذى سينعكس على قرارات القمة الخاصة بهذه القضية، التى ستؤكد المطالبة الجماعية وبدون تحفظات-وفق مصادرى- بالوقف الفورى لإطلاق النار وبصورة دائمة فى قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليه من كل الجهات، والمسارعة بإدخال الكميات المطلوبة من المساعدات الغذائية والطبية والوقود، وغيرها من متطلبات توفير الحياة للمدنيين، لاسيما بعد أن أفضى عدوان جيش الاحتلال عن حجم ضحايا مفعم بالشهداء والجرحى ،تقدر أعدادهم بأكثر من 114 ألفا ، معظمهم أطفال ونساء، فضلا عنحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وأوضاع انسانية كارثية باعتراف الأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها الانسانية ،إلى جانب المطالبة بانسحاب قوات الاحتلال من مدينة رفح ورفض أى توسيع لنطاق عملياتها العسكرية البرية فيها،التى انطلقت يوم الثلاثاء الماضى ، وأسفرت عن تهجير قسرى جديد لأكثرمن 300 ألف فلسطينى نزحوا إلى المدينة خلال الأشهر الماضية من مدن الشمال والوسط والجنوب أيضا.
وفى هذا السياق، فإنه من المقرر أن تقر قمة المنامة خطة الاستجابة العربية الطارئة، للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والإنسانية للعدوان الإسرائيلي، التي قامت بإعدادها دولة فلسطين بالتعاون مع الأمانة العامة للجامعة والمنظمات العربية المتخصصة ذات الصلة.
ولن تخلو قرارات القمة، من مطالبة مجلس الأمن والمجتمع الدولى بتحمل مسئولياتهما فى وقف العدوان على غزة، من خلال الدعوة لتنفيذ القرارات التى صدرت بهذا الشأن، وتتجه هذه القرارات إلى استغلال الحراك النسبى فى مواقف الدول الكبرى تجاه حرب غزة،التى كانت فى حالة تأييد كامل وسافر للكيان الإسرائيلى، بعد أن فقدت سرديته الكاذبة عن عملية “طوفان الأقصى”بريقها، وأخذ بعضها يهدد بوقف تصدير الأسلحة لجيشه ،مثلما فعل الرئيس الامريكى جو وبايدن عندما أوقف مؤخرا شحنة قنابل ثقيلة كانت معدة للإرسال احتجاجا على اجتياح هذا الجيش لرفح، متوعدا بخطوات أوسع فى هذا النطاق لو قام باجتياح كامل للمدينة التى تؤوى أكثرمن مليون و400 الف نازح.. ولكن هذه القرارات ستندد بالمواقف الأخيرة للولايات المتحدة التى أجهضت اعتماد قرار مشروع قرار عربى بحصول فسلطين على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة،أمام مجلس الأمن من خلال استخدام حق النقض- الفيتو- ثم تهديدها باللجوء إلى الخطوة ذاتها، لو عرضت توصية الجمعية العامة للمنظمة الدولية فى قرارها الأخير، الذى أكد أهلية فلسطين فلسطين فى الحصول على هذه العضوية يوم الجمعة الماضية على المجلس مجددا، كما سيشيد القادة العرب بالدول التى أعلنت تصويتها لصالح مشروع القراروعددها 143 دولة من إجمالى عدد الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية البالع 193 دولة مع حث دول العالم على المسارعة بالاعتراف بالدولة الفلسطينيةوسيتم الترحيب فى هذا السياق باإعلان كل من أسبانيا وإيرلندا اعترافهما بدولة فلسطين فى 21 مايو الجارى أى بعد خمسة أيام من انتهاء وقائع قمة المنامة.
وستعيد قرارات القمة التأكيد على أن السلام هو خيار استراتيجى عربى، مع المطالبة بتطبيق رؤية حل الدولتين وفق رؤية حل الدولتين، التى تحظى بإجماع إقليمى ودولى وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ،بما يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة مترابطة الأجزاء وذات سيادة كاملة، وهى أمور اعتادت عليها القمم العربية، غير أن الأمر فى قمة البحرين سيكون مغايرا، فى ظل وجود تأييد دولى كاسح لنشوء هذه الدولة، والذى تجلى فى موافقة أغلبية كاسحة من دول العالم على قرار الجمعية العامة الأخير، بعد تصويت 143 دولة من أجمالى عدد الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة والبالغ 193دولة، واعتراض 9 دول وامتناع 25 دولة، وفى هذا الصدد من المنتظر أن يشيد القادة العرب بالدول التى أعلنت تصويتها لصالح القرار مع حث دول العالم على المسارعة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيتم الترحيب فى هذا السياق بإعلان كل من أسبانيا وإيرلندا اعترافهما بدولة فلسطين فى 21 مايو الجارى أى بعد خمسة أيام من انتهاء وقائع قمة المنامة.
وستجدد قمة المنامة فى إعلانها الختامى وقراراتها الخاصة بفلسطين، الرفض الكامل لأى عمليات تهجير قسرى للفلسطييين من أراضيهم سواء فى قطاع غزة أم فى الضفة الغربية، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار ملزم لوقف العدوان الإسرائيلي والتهجير القسري ضد الشعب الفلسطيني، وضمان تدفق المساعدات الإغاثية إلى كامل قطاع غزة، وإنفاذ التدابير المؤقتة التي وردت في أمر محكمة العدل الدولية يوم 26/1/2024، وإعادة الحياة إلى طبيعتها في القطاع، والمطالبة بالتنفيذ الكامل لكافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بما فيها القراراين 2721 و 2720 .
كما ستشددعلى ضرورة تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على أساس أن ذلك مسئولية أممية يجب الوفاء بها، ورفض حملات التحريض الممنهجة ضدها من قبل الكيان الإسرائيلى بهدف تقويض دورها، ودعوة جميع الدول التي قررت تجميد تمويلها للوكالة لإعادة النظر في قرارها، والتحذير من أن وقف عمليات الوكالة في قطاع غزة سيحرم أكثر من مليوني فلسطيني من الخدمات اللازمة لاستمرار الحياة.
وستدعو القمة إلى وقف اعتداءات المستوطنيين فى الضفة الغربية، ووقف اقتحامات جيش الاحتلال لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، والتصدى للمشروع الاستيطانى الذى تطبقه سلطات الاحتلال فى القدس والضفة، والذى ينطوى على تهديد حقيقى لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
ومن المنتظر أن يعرض الوفد الفلسطينى على قمة المنامة، قرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين الذى عقد فى 18 فبراير الماضى، الذى اعتمد قائمة مكونة من 60 منظمة إرهابية داخل الكيان الإسرائيلى كمنظمات توضع على قوائم الإرهاب الوطنية العربية , كما اعتمد قائمة من 22 شخصية إسرائيلية تبنت قرار الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى ضمن قائمة العار تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم ،بالإضافة إلى مقاطعة 97 شركة ومؤسسة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية، استنادا إلى قاعدة البيانات التي أقرها مجلس حقوق الإنسان وذلك لاعتماده من قبل القادة العرب حتى يأخذ مساراه باتجاه التطبيق ضمن الخطوات العربية الضاغطة على القوة القائمة بالاحتلال، بحسبان “أن لغة البيانات والشجب والادانة لم تعد تفهم من العالم أو المحتل أيضا وبالتالي لا بد من تنفيذ خطوات عملية ” حسب رؤية السفير مهند العكلوك المندوب الفلسطينى الدائم لدى الجامعة العربية.
قضايا وأزمات أخرى
وإذا كانت فلسطين هي قضية العرب الأولى والتي تلقى اهتماما من قبل القادة العرب، فإن القضايا والأزمات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ستحظى بالاهتمام الواجب، وتتصدرها الأزمة فى السودان التى دخلت الشهر الماضى، عامها الثانى دون وجود أى أفق سياسى لتوقف الحرب الأهلية التى تهدد أمن البلاد واستقلالها، ووحدتها وسلامتها الإقليمية فى ظل صراعات وانقسامات داخلية بين مكونات المجتمع السوداني، بما فى ذلك مكونه العسكرى الأمنى الذى يتجسد فى كيانات عسكرية نظامية وأخرى غير نظامية أدت إلى نزوح ما يقرب من ستة ملايين سودانى داخل السودان وخارجها ، وهو ماسيدفع القادة العرب على التفكير فى خطوات ملحة لاحتواء الصراع فى السودان ومنع تمدده إقليميًا لا سيما فى مناطق الجوار الهشة مثل الساحل وجنوب البحر الأحمر، وبالتالى سيؤكدون فى هذا الصدد على دعمهم للمفاوضات بين الطرفين المتحاربين على نحو يفضى إلى إنهاء الصراع بينهما والعمل على تنسيق الجهود الدولية وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة للسكان وسيتم التأكيد فى هذا السياق على محددات التحرك العربي لعلاج الأزمة السودانية على المستويين السياسي والإنساني، والقائمة على دعم التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام وشامل ومضاعفة جهود تحقيق وفاق وطني شامل، والعمل على منع انهيار المؤسسات القومية السودانية، وإنفاذ الأمن الغذائي للسودانيين بالتزامن مع الدعوة للوقف الفورى لأشكال التصعيد المختلفة فى الفاشر شمال إقليم دافور،وما يشكله ذلك من تهديد خطير لحياة مئات الآلاف من المحاصرين في المدينة،وسرعة التوصل إلى اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار في كافة مناطق السودان .
ولن تغيب الأزمة الليبية عن أجندة القادة العرب فى قمة المنامة، فى ظل استمرار الجمود السياسى الحالى للأزمة السياسية فى ليبيا، وعواقبه على الوضعين الأمنى والاقتصادى للمواطنين الليبيين، خاصة أن الجامعة العربية نجحت فى عقد لقاء بين الأطراف الرئيسية فى الأزمة الليبية خلال شهر مارس الماضى ولكن على الرغم من اتفاق رؤساء مجالس: الرئاسى محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة بمقر الأمانة العامة للجامعة، على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات، إلا أن ذلك التعهد لم يترجم على أرض الواقع وهو ما سيتم التشديد عليه من قبل القادة العرب لتشكيل حكومة موحدة تتمكن من الإشراف على الاستحقاقين الانتخابيين، الرئاسى والنيابي.
بشار الأسد ثانى مشاركة
ومع مشاركة الرئيس السورى بشار الأسد للمرة الثانية فى قمة المنامة بعد استعادة بلاده لمقعدها فى الجامعة خلال قمة الرياض فى شهر أبريل من العام الماضى، تفرض أزمة بلاده نفسها على ملفات القمة باعتبارها من الملفات المهمة فى معادلة الأمن القومى العربى، ومن ثم فإنه سيتم تجديد المواقف العربية الرامية لإعادة الاستقرار والأمن على كامل الأراضى السورية، والمطالبة برحيل القوات الأجنبية والدعوة للحل السياسى الشامل، فى ضوء قرار مجلس الأمن رقم 2254، ووثيقة جنيف الصادرة فى 2012، مع تحقيق الانفتاح السياسى على مختلف مكونات القوى السياسية ،بما فيها المعارضة لإعاد بناء الدولة السورية، على نحو يحقق المصالح العليا للشعب السوري ،وفق إستراتيجية الخطوة خطوة، التى تبنتها مجموعة الاتصال الوزارية العربية التى شكلتها قمة الرياض، والتي تقوم على بناء حل يفصل معضلات الأزمة بعضها عن بعض وتقديم رؤى مباشرة لحلها ، وفي كل خطوة يجب أن تقدم الحكومة السورية على إجراءات تؤدي إلى حل لهذه المعضلة أو على الأقل خطة من أجل حلها.
أما على صعيد الأزمة اليمنية، فإنه من المنتظر أن تؤكد قمة المنامة على استعادة الحوار اليمني-اليمني، حتى تتمكن مؤسسات الدولة من القيام بأدوارها وصولًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وثمة أزمة جديدة برزت إلى المشهد العربى، وعالجتها الجامعة العربية فى دورة غير عادية لمجلسها وستعالجها بالتاكيد القمة العربية الثالثة والثلاثون، وهى الأزمة الإثيوبية الصومالية، بعد أن وقّعت إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم أرض الصومال – غير المعترف به دوليًا– لإنشاء ميناء تجارى وقاعدة عسكرية فى مدخل البحر الأحمر، ومن المتوقع أن يجدد القادة العرب على رفض وإدانة أى مذكرات تفاهم تحل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، ومطالبة أديس أبابا بالإلتزام بقواعد ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية .
ومن القضايا التى ستكون مطروحة بقوة خلال قمة المنامة، مكافحة الإرهاب والتطرف فى المنطقة، التى ما زالت على الرغم من القضاء على هيمنة تنظيم داعش فى العراق والتنظيمات الإرهابية فى سيناء ، قائمة فى سوريا وليبيا والصومال ،وبالتالى سيدعو القادة العرب إلى تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وإجراء المزيد من خطوات التنسيق بين الدول العربية على هذا الصعيد، لاسيما أن هناك اتفاقية عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى دعوة الدول التى لم تصادق عليها للقيام بذلك ،مع تبنى برامج التنمية الشاملة، إلى جانب الحل الأمنى فى التعامل مع جماعات التطرف ورموزه.
الأمن الغذائى
ولأن قضية الأمن الغذائى العريى واحدة من أهم التحديات التى تواجه المنطقة العربية، فسوف تستحوذعلى مساحة واسعة من اهتمامات قمة المنامة ، خاصة فى ضوء الاستراتيجية التى اعتمدتها القمة العربية الواحدة والثلاثين بالجزائر فى الآول من نوفمبر2022 لكنها لم تدخل حير التطبيق بعد وبالتالى فإن القمة الثالثة والثلاثين ستدفع باتجاه بلورة الآليات والخطوات التنفيذية للاستراتيجية التى أعدتها الأمانة العامة للجامعة العربية والمنظمة العربية للأغذية والزراعية التابعة لها فى ظل ما كشف عنه التقرير الصادر فى مارسا لماضى عن كل من منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، والإسكوا،من أن مستويات الجوع وسوء التغذية بلغت مستويات حرجة فى المنطقة العربية، بسبب جائحة كوفيد 19 والحرب فى أوكرانيا التى أعاقت إمكانية الحصول على الأغذية الأساسية، كما كشف أن ما يقدر بنحو 53,9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائى الشديد فى المنطقة العربية فى عام 2021، أى بزيادة قدرها 55% منذ 2010، وزيادة قدرها 5 ملايين عن العام السابق.
وستكون قضية اللاجئين فى المنطقة ضمن الملفات المهمة التى سيناقشها القادة العرب فى ظل التحديات التى تواجها بعض دولهم سواء أكانت من دول الإرسال أو الممر أو الاستقبال، بما تمثله من عبء اقتصادى وإنسانى وثقافى على الدول المستقبلة، فعلى سبيل المثال وفقًا لأحدث تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة بشأن تتبع عمليات النزوح حول العالم، أجبر أكثر من 7,7 مليون سودانى على الفرار من منازلهم، منهم 6 ملايين داخل السودان، بينما فر 1,7 مليون آخرون عبر الحدود إلى دول جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ومصر وجمهورية إفريفيا الوسطى وليبيا لذلك ستحظى هذه القضية بمناقشات بنّاءة داخل أروقة قمة المنامة، حتى لا تتحمل دول بعينها التكلفة الاقتصادية لتلك الظاهرة من دون مشاركة فعّالة من الدول العربية والمجتمع الدولى بشكل عام.
إلى جانب ذلك هناك عدد من الاستراتيجيات العربية التى ستكون موضع نقاش وبالتالى إصدار القرارات اللازمة بشأنها وهى الأمن المائى العربى ومواجهة التغييرات فى المنطقة والشباب والتعليم التقنى والمهني،،بالإضافة إلى عدد من الوثائق المتصلة بموضوعات سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعلى رأسها وثيقة “رؤية برلمانية عربية لتحقيق التوظيف الأمن للذكاء الاصطناعي”، التى اعتمدها مؤتمر البرلمان العربى ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، لدى انعقاده بالقاهرة فى السابع والعشرين من شهر أبريل الماضى ،وهو محور جديد يطرح لأول مرة على مؤسسة القمة العربية، سعيا إلى وضع تصور إقليمي يسهم في بناء القدرات وتحديث التشريعات وتنفيذ الاستثمارات التى تفضي إلى تعظيم استفادة أسواق المال العربية من مزايا الذكاء الاصطناعي وأيضا تلافي مخاطره ..وهناك أيضا استكمال عدد من المتطلبات المهمة المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي، سعيا إلى إطلاق السوق العربية المشتركة، وغير ذلك من ملفات وقضايا تستحوذ على اهتمامات القادة، تجاوبا مع متطلبات المواطن العربى.. الذى بات يتساءل فى السنوات الأخيرة، عن موقعه فى معادلة الفعل العربى المشترك.